Ibrahim Aslan: Hekayat men Fadlallah Osman (Modern Fiction, Egypt)
الناشرٍ: دار الشروق /2005 / عدد الصفحات: 103 / جديد /رقم الطبعة: 1
لا بد وأنني غادرت قبل حين، لأنني كنت أقف على الحافة وأرى القرص الكبير الأصفر معلقاً في أول الطريق عند الطرف الآخر من الكوبري الحديدي القاتم، ولأن أسفلت الشارع الطويل بدا أكثر نعومة وتغيرت آلاف الظلال في أوراق الشجر ولأنني كنت مبتهجاً، ومجهداً، ووحيداً.
لقد عبرت نهر الشارع الخالي حتى انتهيت إلى الواجهة الزجاجية المصقولة لأراه أمامي في ثياب الليل بالوجه الغريب الذي أعرفه والعينين الحزينتين وأدفن المدية التي بيننا في صدره بألم ويسر وأمد يدي إلى ما تحت إبطيه أعاونه وأراه في سطحها المعتم المصقول يرفع يديه ليضاهيني ويتهاوى بطيئاً ليريح ظهره ويمد ساقيه ويضحك ساخراً فجأة ليموت في ضوء النهار الخفيف الذي يسوق البخار عن وجه النهر يعلو به الشاطىء ويعبر به الطريق ويصعد الرصيف والجدران ويغرقني بينما أفتح باباً في شرفة صغيرة وأجلس متدثراً وأراه مسجى هناك في ثياب الموت ونفر من الناس يتحدثون عليه ولا يصلني الصوت.
في كل اعماله تقريبا، من "بجيرة المساء" وحتى "خلوة الغلبان:، مرورا بـ "مالك الحزين"، و"يوسف والرداء"، و"وردية ليل"، و"عصافير النيل"، لم يغادر ابراهيم اصلان منطقته الاثيرة الكيت كات. فكتاباته كلها تنهل من هذا المعين الذي لا يتجاوز كيلو مترات عدة، لكن اصلان بعينه اللاقطة وحسه الفني المرهف يمنح هذه المساحة المحدودة، وهذا العالم الضيق، مساحات لا نهائية وابعادا بالغة العمق والثراء.
هذه الحكايات تنتمي الى المنطقة ذاتها. وفضل الله عثمان هو اسم الشارع الذي تدور فيه هذه الحكايات، وناسه هم من يشعلون بعلاقتهم بالمكانة خيال الكاتب، احدى وعشرون قصة من هذا العالم وعنه.. من اجوائها: "عندما عدت من عملي عصرا ودخلت الشارع، شعرت ان شيئا ما قد حدث، كان الصمت واضحا والاولاد الذين اعتادوا اللعب والصياح اختفوا وخلت عتبات البيوت من النسوة اللائي اعتدن الجلوس امامها، الامر الذي جعل الطريق يبدو اكثر وحشة واتساعا.
الكتب وجهات نظر
