4.95EUR

شباب إمرأة
[1538]

Amin Youssef Ghorab: Shabab Emraa
الناشرٍ: دار المعارف /2001 / عدد الصفحات: 229 / جديد /رقم الطبعة: 2

أمين يوسف غراب (1912 ـ 1970) قراءة في السيرة والتجربة بقلم : د. محمد عبد الحليم غنيم
ولد الأديب محمد أمين يوسف غراب في قرية محلة مالك, مركز دسوق بمحافظة كفر الشيخ في 31 مارس سنة 1912, ثم انتقلت أسرته إلى دمنهور وهو في سن مبكرة, ومن هنا كانت النشأة ثم العمل في دمنهور فيما بعد. لم يدخل أمين يوسف غراب المدارس قط، ولم يتعلم تعليما منظما في حياته، كما إنه لم يقرأ حرفا واحدا حتى بلغ السابعة عشر من عمره على الرغم من نشأته في أسرة ثرية، لكن يبدو أن أبويه لم يأخذانه بالشدة فعاش مدللا ـ وهو الولد الوحيد ـ مترفا، فإذا ما رغب في عدم دخول المدرسة فله الأمر والطاعة، ومثل ما يحدث لشخصيات قصصه، أو هو القدر على حد قوله أيضا، انقلبت هذه الحياة من النقيض إلى النقيض, يصاب الأب الثري بنكسة تعصف بثروته، ثم بحياته بعد قليل من الوقت، ويضحى على الفتى المدلل المترف أن يواجه الحياة على قسوتها بمخالب ضعيفة وأم لا حول لها ولا قوة، غير أنه سرعان ما تشتد هذه المخالب وتقوى تؤازرها عزيمة قوية ورغبة شديدة في مواصلة الحياة، فيبدأ أمين يوسف غراب في تعلم القراءة والكتابة، وبفضلهما يعمل في أرشيف بلدية دمنهور موظفا، فيكاد يحصل على قوت يومه ويا للأقدار وصنعها، يغضب عليه رئيسه في البلدية، فيعاقبه ويكون العقاب نقله مساعدا لأمين مكتبة البلدية، بلدية دمنهور وفي هذه المكتبة تتهيأ لأديبنا الناشئ أسباب الاطلاع والمعرفة فيقرأ كل ما يقع تحت يده من أدب عربي وأدب غربي مترجم. وقد أشار بالتفصيل إلى قراءاته وثقافته بشكل غير مباشر عبر روايته الأخيرة "الساعة تدق العاشرة "على لسان بطلها محمد الشربيني، الذي هو صدى لشخصية المؤلف أمين يوسف غراب : "كنت لا أستطيع أن أتصور أنني في السادسة أو السابعة عشرة من عمري وأني ابن موظف كبير في الدولة، وأجهل القراءة والكتابة ولا أعرف حتى كتابة اسمي ولذلك أردت أن أتحلل من هذا الجهل وأن أتطهر من هذه المهانة مهما يكن الثمن … وكانت تستهويني العناوين والأسماء.. الزناتي خليفة والزير سالم.. أبو زيد الهلالي سلامة.. ناعسة الأجفان.. قصة سيف بن ذي يزن.. الشاطر حسن والسبع بنات، كنت أشتري الكثير من هذه الكتب وكنت أتفحصها جيدا قبل أن أشتريها.. وظللت كذلك زمنا طويلا التهم هذه الكتب التي كنت أظنها هي وحدها قمة الأدب والفن، إلى أن ظهر رجل رأيت صورته في الصحف، وكان وسيما في ملابسه التقليدية الجبة والقفطان والعمامة وكانت أمنيتي أن ألقاه يوما وأن أقبل يده، ولكن لم تتحقق هذه الأمنية.. كان اسمه مصطفى لطفي المنفلوطي، وكنت أقرأ له بنهم والتهم كتبه التهاما وأنا أقرأ ماجدولين أو تحت ظلال الزيزفون وبول وفرجيني وغادة الكاميليا وكل ما خطت يده من مترجمات. … تدرجت إلى القراءة الجادة، وتعرفت إلى الأدب الصرف، قرأت شكسبير وبلزاك ودانتي وجورج صاند والفريد دي موسيه وجي دي موبسان وديماس الكبير وديماس الصغير وديستوفسكي وترجنيف وحفظت عن ظهر قلب جان جاك روسو وطاغور وأناتول فرانس وتولستوى وغيرهم من الكتاب والفلاسفة. … وكان أحب هذه القصص التي قرأتها إلى نفسي وإلى قلبي أيضا هي التي تتحدث عن المرأة " (1). لا تكشف هذه الفقرات عن تنوع قراءات أمين يوسف غراب فحسب، بل تكشف لنا أيضا عن مراحل تكوينه الثقافي، ومصادر هذه الثقافة، فثمة ثقافة شعبية خالصة، ثم ثقافة أدبية بيانية قوامها إبداع المنفلوطي، ثم أخيرا ثقافة عالمية قوامها عيون الأدب العالمي لكبار كتاب الفن القصصي والمسرحي من شكسبير إلى جي دي موبسان، وثمة إشارة أخيرة وهي مهمة أيضا وهي كثرة اطلاع أمين يوسف غراب على الأعمال التي تتحدث عن المرأة، إن هذا التكوين الثقافي والأدبي المتنوع سيلقي بظلاله على أعمال غراب طوال مراحل حياته الأدبية بدرجة أو بأخرى، لكن سيبقي للثقافة الشعبية والمنفلوطي أثرها الأكبر على إبداع الكاتب حتى آخر عمل له. وعن نشأة أمين يوسف غراب الريفية في دمنهور يشير هو نفسه بشكل مباشر إلى هذه النشأة في افتتاحية قصة "6 أشهر حب" من مجموعة "نساء الآخرين" الصادرة عام 1962 : " تربطني بالزميل الأستاذ محمود البدوي القصاص المعروف صلة صداقة متينة من زمن بعيد، يرجع إلى عهد الصبا وأحلام الشباب وبالرغم من أننا لسنا من بلدة واحدة، فهو أسيوطي من أغوار الصعيد، وأنا دمنهوري من أغوار الوجه البحري، وتختلف مشاربنا في أشياء كثيرة، وإلا فإننا أنفقنا معا أجمل أيام العمر وأهم ساعات الحياة، وكنا نقطن معا في سكن واحد في القاهرة، ولكننا لم نكن نستقر في بيت واحد أكثر من شهور، فقد انتقلنا إلى عدة بيوت في أنحاء القاهرة تزيد على العشرة" (2). تكشف الفقرة السابقة عن جانب آخر بالإضافة إلى نشأة الكاتب بدمنهور، هو حياة التنقل والترحال داخل أحياء القاهرة، مما مكنه من الاختلاط، بعوالم مختلفة من البشر، وقد أثرت بلا شك هذه العوالم عالمه القصصي، نرى ذلك بوضوح في تعدد شخصياته وتنوعها. بعد هذه القراءات بدأ أمين يوسف غراب يكتشف في نفسه بذرة الأديب فكتب القصة القصيرة أول ما كتب، وعندما أعلنت مجلة الصباح عن مسابقة للقصة القصيرة اشترك فيها أديبنا الناشئ ففاز بالمركز الأول عن قصة "بائعة اللبن" سنة 1940. وبعد عامين من هذا التاريخ احترف أمين يوسف غراب الأدب بعد أن نشر له الأستاذ محمد التابعي قصة " في البيت " في مجلة آخر ساعة في أبريل سنة 1942، إذ أعجب بها التابعي إعجابا كبيرا، ثم جعله يكتب قصة العدد في المجلة لسنوات طويلة. عاش أمين يوسف غراب القسم الأعظم من حياته في الريف، فلم ينتقل إلى القاهرة إلا في عام 1949، وكان عمره آنذاك سبعا وثلاثين عاما، بعد أن تشبع بحياة الريف وقيمه ومثله وعاداته وتقاليده، فحمل معه إلى القاهرة تجاربه الأولي في الريف، ولعل هذا يفسر لنا أن معظم شخصيات قصصه تأتي من أعماق الريف، أو من أصل ريفي على الأقل، لقد استفاد أمين يوسف غراب من هذه النشأة الريفية، فهو بارع في تصوير الحياة الريفية، وبارع أيضا في تصوير الشخصية الريفية، وبارع في الغوص في أعماق هذه الشخصيات، وبارع في عرض التفاصيل الدقيقة الخاصة بالحياة بالريف، مثل قصص (رمان الجناين، والشيخة غزال، ومائة دجاجة وديك أحمر، وزوجة رجل آخر) وغيرها، وجميعها أيضا من أجود قصصه على المستوى الفني. في القاهرة عمل أمين يوسف غراب في عدة وظائف، فبدأ كاتبا بسيطا في مطابع السكة الحديد عام 1949، ثم سكرتيرا لمصلحة السكة الحديد عام 1951، إلى أن انتقل للعمل مديرا للعلاقات العامة بالمجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية (المجلس الأعلى للثقافة حاليا) منذ عام 1956، وقد ظل في هذه الوظيفة إلى أن توفاه الله في 27 ديسمبر عام 1970، إثر تعرضه لنزلة برد حادة، نتج عنها نزيف قاس أودى بحياته، وهكذا مات عن عمر يناهز 58 عاما. أتاحت الحياة في القاهرة لأمين يوسف غراب فرص الالتقاء بالنقاد والأدباء، والاقتراب بشكل مباشر من الصحافة، والاستفادة منها بصورة كبيرة، كذلك أتاحت له هذه الحياة الاقتراب والاختلاط بالوسط الفني في المسرح والسينما، فكتب للاثنين معا، فمثلت مسرحياته، وتحولت روايته شباب امرأة إلى فيلم سينمائي مشهور،هذا إضافة إلى ممارسة الكتابة إلى السينما مباشرة فكتب أكثر من عشرين سيناريو لأفلام عن رواياته وروايات الآخرين من الكتاب، ولعل من أبرز نعم القاهرة على أمين يوسف غراب لقاءه بعميد الأدب العربي الدكتور طه حسين، الذي أعجب بقصص غراب، فكتب مقالا عنه في الأهرام عام 1952, جعله أمين يوسف غراب مقدمة لمجموعته القصصية " آثار على الشفاه " عام 1953، وكان طه حسين قد تحدث في هذا المقال عن مجموعتي "يوم الثلاثاء" و "طريق الخطايا" الصادرتان عام 1952، فأعجب بلغة الكاتب وأسلوبه ولما وجد لديه حسا روائيا في قصصه القصير نصحه بالاتجاه إلى كتابة الراوية، وقد استجاب أمين يوسف غراب لهذه النصيحة، أو كان لديه الاستعداد لتلبية هذه النصيحة فبدأ في نشر أول رواية له بعنوان " ست البنات " في العام التالي، ثم كتب بعد ذلك أربع روايات أخرى. يقول الدكتور طه حسين "والأستاذ أمين يوسف غراب قاص مقصر إلى الآن، لم يحاول أن يطيل القصص فيما أعلم، وأكبر الظن أن الوقت لم يتح له كما لم يتح له فراغ البال، وإنه إنما يكتب هذا القصص القصير مستجيبا لفنه من ناحية، ولغرورات الإنتاج السريع المنتظم من ناحية أخرى" (3). وفي هذا المقال أيضا امتدح طه حسين لغة أمين يوسف غراب، فقال " كاتب يعرف لغته حق المعرفة، ويحسن التصرف فيها، غير متكلف ولا متصنع، لا يخرج عن ذلك إلا حين يضطره الفن إلى هذا الخروج حين يروي نكته عامية، أو يدير الحوار بين رجلين وامرأتين أو رجل وامرأة من أهل الريف، فأما حين يعرب عن نفسه، فهو يؤدي ما يريد في لغة نقية وأسلوب صفو، ولفظ يتخيره فيحسن تخيره، وهو يرتفع في كثير من الأحيان إلى ألوان من التشبيه الرقيق الدقيق الذي يبعد في غرابته حتى يفاجئ القارئ فجاءة حلوة، ويقع في نفسه أحسن الموقع ويترك فيها أحسن الآثار"(4). وقد أفادت شهادة طه حسين أمين يوسف غراب، فلم يستجب لكتابة الراوية فحسب، بل انطلق أيضا يكتب القصص القصير وينشر بغزارة فأصدر الكثير من القصص والروايات والمسرح، فكتب اثنين وعشرين كتابا طبع بعضها أكثر من طبعة في حياة مؤلفها، أما الصحف والمجلات فكانت تتلقف كل ما يخطه قلم أمين يوسف غراب، حتى إنه كان ينشر العمل الواحد في أكثر من صحيفة، وكان أحيانا يعيد نشر ما سبق نشره بعناوين أخرى، ويعيد صياغة بعض القصص ثم ينشرها بعنوان مختلف، ولنذكر مثالا هو قصة " أم بيومي " المنشورة في مجموعة (نساء الآخرين ـ 1962) يعيد نشرها في مجموعة (أشياء لا تشترى ـ 1963) تحت عنوان جديد هو " ساعات الفراق " ولكن تتغير نهاية القصة، ففي القصتين امرأة تنتظر عشيقا لأول مرة في حياتها، لذلك فهي مترددة في خوض هذه التجربة، وقد حدد الساعة الثامنة موعدا لوصوله مساء في غياب الزوج، وفي القصتين تناجي المرأة نفسها وتفكر كيف أوقعت نفسها في هذا المأزق، ومن ثم كيف الخروج منه ؟ فتتمنى أن يأتي زوجها فجأة لينقذها من الوقوع في الخطيئة وتلويث شرفها. وهنا تختلف النهاية، ففي "أم بيومي " لا يأتي الزوج، وعندما تفتح الباب تجد أم بيومي والعشيق في وجهها، ترحب به وتدعوه للدخول، أما في "ساعات الفراق" فيأتي الزوج فجأة لترتمي المرأة في أحضانه باكية وحامدة ربها في سرها على وصول زوجها في الوقت المناسب.
Reviews
Authors
Quick Find
 
Use keywords to find the product you are looking for.
Advanced Search
We Accept







0 items
Manufacturer Info
Other products
Languages
English Deutsch french










osCommerce